حتى يتحول القطاعي لقوة تبني الاتحاد.
عندما تأسس الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، ظهرت تحديات كثيرة أمام هذا الكائن التنظيمي الفتي والتي ترتبط إحداها بتعاطيه مع قضايا المتصرفين العاملين بقطاعات متعددة والمنتشرين على امتداد البلاد. تحديات تعقدها طبيعة الفهم الذي ينظم عمل الاتحاد وعلاقته بمختلف الجمعيات التي باشرت لوقت طويل ملف هذه الفئة.
ولعل ثقل المشاكل التي يتخبط فيها المتصرف وحداثة تجربة الاتحاد، إلى جانب عدم وضوح الرؤية لدى هياكله؛ والمركزية منها بالأساس، عجل ببروز اختلافات بين أعضائه حول قضية أساسية تتمثل في فهم الاتحاد لما هو قطاعي بصفة عامة، وفي طبيعة العلاقة التي ستنتظم بين الاتحاد وبعض الجمعيات التي تدعي قدرتها على حمل المشاكل القطاعية.
وهكذا صرنا نسمع بأن الاتحاد مختص في القضايا التي تجمع المتصرفين، بينما الجمعيات القطاعية مدعوة للدفاع عن المتصرف في ما يخص المشاكل القطاعية وخصوصا بالجهات والأقاليم، وفرز مطالبها الصرفة التي سيتبناها الاتحاد بداعي تمكن أعضائها من ملفات مشاكلها وطموحاتها.وإذا كان لا يخفى على أحد، دواعي العودة القوية لبعض هاته الجمعيات القطاعية في زمن تشكل الاتحاد، وكون قواعد المتصرفين هي العارفة بخصوصيات مناخ اشتغالها المهني وبآليات تحسينه وتطويره بما يتلاءم وطموحاتها المهنية والاجتماعية، فإن التحجج بذلك لفرض الجمعيات القطاعية كبديل عن تطوير الاتحاد وتوسيع دائرة اشتغاله، بمثابة تبخيس لهذا التنظيم ودليل على ضيق أفق أصحابه وعدم قدرتهم على مباشرة العمل التنظيمي الميداني والواسع.فلا يعقل أن يتقوقع الاتحاد على نفسه ويترك منخرطيه يصارعون لتكوين جمعيات قطاعية أو تقوية القائم منها، لأن في ذلك إضعاف له ولفلسفته الوحدوية، وهروب من مسؤولية تأطير المتصرفين في مختلف مواقعهم وقطاعاتهم.
لن يشرفني أن أنتسب لتنظيم يتفرج على منخرطيه وهم يقعون ضحايا تعسف أو شطط في استعمال السلطة وينتظر من جمعيات قطاعية رد الاعتبار إليهم.لن يشرفني الانتماء لتنظيم ينتظر جمعيات قطاعية تحدد له مطالب متصرفين يدعي أنه ممثلهم والناطق باسمهم.لن أقبل أن تهدر طاقات المتصرفين في تقوية جمعيات قطاعية بينما الاتحاد في حاجة ماسة لجهود كل المتصرفين.لن أقبل أن يتشتت هم المتصرفين بين اتحاد وطني وجمعيات قطاعية ولجن نقابية.الاتحاد مطالب بوضع تصور لكيفية تبنيه للمشاكل القطاعية، ولطبيعة العلاقة التي ستربطه بالجمعيات القطاعية الفاعلة وبالنقابات التي تقول بأنها حاملة لهم المتصرفين.أعتقد أن فرز لجن قطاعية مركزية، وأخرى جهوية وإقليمية سيشكل خطوة أولى للإجابة على عدد من الإشكالات التي تنتصب أمام حركة الاتحاد. فبفضل هذه اللجن، وعبرها يمكن للاتحاد أن يتحول إلى قوة حقيقية تجد لها موطئ قدم في جميع مرافق الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية.هذه اللجن يمكن أن تأخذ، من داخل ضوابط الاتحاد طابعا استشاريا في المسائل والقضايا التي تهم قطاعا بعينه، وأن تجد لها موقعا في هياكله المستقبلية. فاللجن القطاعية الإقليمية يمكن أن تنبثق من المجلس الإقليمي، الذي ينتخبه الجمع العام، وأن يعهد إليها بالبث في القضايا المحلية، بتوجيه من المكتب الإقليمي وفي تجاوز للهم القطاعي الضيق، في أفق فرض الاتحاد مخاطبا رسميا باسم المتصرفين على المستوى المحلي.وإذا كانت المكاتب الإقليمية و المكتب الجهوي تشكل المجلس الجهوي الذي يعهد إليه بتتبع عمل الاتحاد جهويا، فهذا لا يمنع من جعل اللجن القطاعية المشكلة جهويا ذات طبيعة استشارية يعود إليها المكتب الجهوي كلما دعت الضرورة لذلك. ونفس الشيء يقال عن اللجن القطاعية المركزية التي يشكلها المجلس الوطني، إذ يمكن للمكتب التنفيذي الرجوع إليها لأخذ اقتراحاتها حول قضايا تهم مطالب قطاعية معينة، في احترام تام لروح الاتحاد الوحدوية والديمقراطية. كما يمكن للمجلس الوطني، كهيئة تقريرية، الرجوع إليها للاستشارة ولتسهيل عمله وتيسير اجتماعاته.ويبقى أن يحدد النظام الداخلي، في مختلف مستويات الهيكلة الوطنية للاتحاد، آليات اشتغال وكيفية فرز هذه اللجن، وفق تصور يراعي عدم تضخمها والجمع بين القطاعات التي تقدم نقط تقاطع كبيرة على مستوى المهام الموكلة لها والمشاكل الخاصة التي يمكن أن تخترقها.إن مكاتب الاتحاد في مختلف مستوياتها ستتمكن، عبر هذه اللجن، من إيجاد مخاطب لها في كل القطاعات وستتمكن من توحيد جميع المتصرفين تحت راية الاتحاد. كما سيصير بإمكانها اكتساب تنظيم مهيكل وقوي يجعلها قادرة على فرض كرامة المتصرف كيفما كان القطاع الذي ينتمي إليه وكيفما كانت الرقعة الجغرافية التي يتواجد بها. وبهذا فقط تأخذ فلسفة الاتحاد ومبادئه وأهدافه طابعها النضالي المتماسك والفعلي. إن فرز هذه اللجن القطاعية لا يعني إلغاء اللجن الوظيفية الأخرى التي تفرزها مكاتب الاتحاد وطنيا وجهويا ومركزيا، والتي تعنى مثلا بقضايا التنظيم والتواصل والمالية...الخ. فقدرتنا على تفعيل هذه اللجن القطاعية وجعلها جزءا من آليات عملنا، لا شك سيكون جوابا شافيا ضد القطاعية الضيقة ومحاولة تحييد الاتحاد عن دوره الطلائعي كمدافع عن المتصرف وعن كرامة هذه الفئة. الأكيد أن طريق فرز تنظيم وطني قوي ليس بالشيء الهين، والعراقيل ستزداد قوة كلما اتضحت معالم الطريق وبدأت الدينامية الميدانية للاتحاد. لكن هل يجرؤ متصرفو الاتحاد على أخذ مصيرهم بيدهم وتحويل واقع الشتات والضعف إلى قوة حقيقية يفرضون بها كرامتهم أولا، ومطالبهم المهنية والاجتماعية تاليا.عندما سيصل الاتحاد لمرحلة فرز هياكله الوطنية والجهوية والإقليمية بالاعتماد على صناديق الاقتراع التي تجعل من الاستعداد النضالي والأداء الميداني الفعال الشرط الأساسي لتحمل مسؤولية المشاركة في تدبير هياكل الاتحاد، مرحلة القطع مع تجربة إفراز الهياكل عن طريق الكوطا القطاعية والتوافق ذو البعد القطاعي، سيكون قد خط لنفسه مسارا سليما وراكم إرثا تنظيميا لاشك سيدفعه لفرض نفسه معبرا عن هموم المتصرفين، وهذا أفق تاريخي عظيم وتحد ليس ربحه بالشيء اليسير.المرحلة التي نمر منها تفرض على الجميع تأخير الهم القطاعي والتركيز على ما يوحدنا بكل نكران ذات وتطلع للمستقبل. وحين نكون قادرين على انتزاع نظام أساسي عادل وإعادة الاعتبار المهني لأنفسنا، فلن تعوزنا القوة ولا الوسيلة لحل جميع المشاكل القطاعية وفرض كرامة كافة المنتسبين للاتحاد، لأن هذا الأخير، سيكون حينئذ تنظيما تصلب عوده بالمعارك النضالية واكتسب تجربة واعترافا من الجميع على أنه صوت المتصرف المغربي ومناصر القضايا العادلة برمتها.ملحوظة: هذه وجهة نظر شخصية تطمح لطرح الأسئلة الحقيقية والمساهمة في إثراء النقاش الدائر بين حاملي هم بناء الاتحاد الوطني المناضل.
Karim Iaa
https://www.facebook.com/groups/61574032501/permalink/10150638120447502/